الأحد، 16 أكتوبر 2016


اعتراف التحالف السعودي رسميا بمجزرة العزاء بصنعاء يجب ان يكون خطوة للاعتراف الاهم بفشل العدوان على اليمن واعلان وقف كامل وغير مشروط لاطلاق النار.. من قدموا المعلومات المغلوطة وحرضوا على القصف لا مستقبل لهم في “اليمن الجديد”


عبد الباري عطوان

اعترف التحالف العربي الذي تقوده السعودية ويشن عدوانا على اليمن منذ عام ونصف العام، ان طائراته هي التي قصفت مجلس العزاء في صنعاء السبت الماضي، وادى الى مقتل 146 معزيا واصابة المئات، وقال ان هذا القصف نجم عن خطأين اساسيين:

  • الاول: تقديم الجيش اليمني الموالي للرئيس عبد ربه منصور هادي معلومات مغلوطة عن وجود قيادات عسكرية في العزاء.

  • الثاني: ان هذه الغارات “الدرامية” تمت دون الحصول على الموافقة النهائية لقيادة التحالف، ودون اعتماد الاجراءات الاحترازية اللازمة.

هذان العذران اقبح من الذنب الاصلي، وتبريرات تدين التحالف وقيادته وعدوانه وادارته للحرب في اليمن، فكيف تقوم طائرات بقصف مجلس عزاء بالاساس، في خرق لكل الاعراف الاسلامية والاخلاقية، وحتى القبلية، حتى لو كان بين الحضور قيادات عسكرية؟ انه سقوط اخلاقي لا يمكن تبريره بأي اعذار استخبارية او اخطاء بشرية.

ثم كيف يقول بيان فريق التحقيق ان هذه الغارات الدرامية تمت دون الموافقة النهائية لقيادة التحالف؟ فهل هذا يعني ان طائرات التحالف تقصف المدنيين، وترتكب المجازر دون اخذ اوامر صريحة من قيادتها؟ هل هي “حارة كل من ايده اللو”؟ وهل بهذه الطريقة تخاض الحروب وتدار؟

***

السفن الحربية الامريكية التي قصفت رادارات تابعة للتحالف “الحوثي الصالحي” بذريعة انها اطلقت صاروخين باتجاهها في البحر الاحمر، لم تفعل ذلك الا بعد الحصول على موافقة الرئيس الامريكي باراك اوباما شخصيا، فالحروب ليست لعبة، واتخاذ قرار خوضها يخضع لاجراءات وترتيبات بإشراف القيادة الاعلى في الدول، سياسيا وعسكريا.

انه التخبط في ابشع صوره واشكاله، وما حصل ان هذه الضربات الجوية لمجلس العزاء جاءت بناء على “تخمينات”، او “توقعات”، بأن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، والسيد عبد الملك الحوثي، او من ينوب عنه من اشقائه، او كبار قادته، سيكونون على رأس المعزين، ولهذا صدرت الاوامر بالقصف وارتكاب هذه المجزرة بالتالي.

وحتى لو افترضنا ان الرئيس صالح وحليفه عبد الملك الحوثي كانا من بين المعزين، فهل من اخلاق العرب قصف مجلس عزاء، وقتل واصابة المئات من المعزين المدنيين الابرياء، بالاضافة الى ذوي الفقيد المفجوعين بمصابهم وفقدانهم لعزيز قومهم؟

ما هكذا تورد الابل، وما هكذا تدار الحروب، وليس هذه هي المجزرة الاولى، ومن المؤكد انها لن تكون الاخيرة، طالما ان هذا العدوان مستمر، وتسود قيادته الفوضى وانعدام الانضباط السياسي والعسكري معا.

هذا العدوان يجب ان يتوقف وتنسحب كل القوات السعودية والخليجية من اليمن فورا في اطار اتفاق وقف اطلاق نار غير مشروط، وتبدأ المفاوضات ليس من اجل حل سياسي فقط، وانما تقديم تعويضات عن كل الدمار الذي لحق باليمن، وضحايا جرائم الحرب التي ارتكبت على ارضه.

فاذا كان جيش الرئيس هادي هو الذي قدم المعلومات عن وجود قيادات عسكرية في مجلس العزاء، وحرض على قصفه، مثلما جاء في بيان التحالف، فإن هذا الجيش وقيادته لا يتمتعون بأي شرعية، ولا يجب ان يكون لهم اي دور في مرحلة ما بعد اتفاق وقف اطلاق النار، والعملية السياسية التي ستنطلق لاحقا لترتيب البيت اليمني، وتحقيق المصالحة الوطنية، ومثل هؤلاء ينطبق عليهم المثل الانكليزي المعروف “في ظل وجود هكذا حلفاء فمن يحتاج اعداء”.


***

نجد لزاما علينا الاقرار بأن اعتراف فريق التحقيق بالذنب “فضيلة” تحسب له وللذين قرروا تشكيله، وظاهرة عربية تشكل سابقة حميدة، ولكننا في انتظار اعتراف اهم، يتلخص بأن الحرب التي فرخّت كل هذا الدمار وحمامات الدم قد فشلت في تحقيق اي من اهدافها، والحقت ضررا بالغا باصحابها والذين اطلقوا غارتها الاولى.

ننتظر اعتذارا واضحا، ولا لبس فيه او غموض، للشعب اليمني العربي الاصيل عن كل ما لحق به من دمار واضرار بشرية ومادية، مرفوقا باستعداد كامل للتعويض واعادة البناء.. وهذا في رأينا يعتبر الحد الادنى المطلوب، والكلمة النهاية تظل لهذا الشعب الشهم الشجاع الذي ينضح عزة وكرامة وشرف.

الأربعاء، 11 مايو 2016

ماذا سيفعل القادة العرب والمسلمين في حال فوز ترامب بالرئاسة الامريكية؟


ماذا سيفعل القادة العرب والمسلمين في حال فوز ترامب بالرئاسة الامريكية؟ وهل سيرفضون استثناءهم من منع الدخول الى امريكا مثلما فعل عمدة لندن؟ ولماذا يكن كل هذا العداء للمسلمين؟

trump-fun.jpg66

باتت المنافسة في الانتخابات الرئاسية الامريكية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل شبه محسومة بين هيلاري كلينتون عن الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب عن الحزب الجمهوري، لكن من الصعب الرهان على فوز اي منهما رغم ان استطلاعات الرأي ترجح فوز السيدة كلينتون في حال ما اجريت الانتخابات اليوم.

ترامب يحظى بشعبية كبيرة في اوساط اليمين العنصري المتطرف في امريكا، بسبب مواقفه العدائية تجاه المهاجرين اللاتينيين، والاسلام والمسلمين، وتأييده المطلق لدولة الاحتلال الاسرائيلي، مضافا الى كونه مهرجا يتحدث بلغة اقرب الى البذاءة في هجومه على خصومه.

الرئيس الامريكي الحالي باراك اوباما اعتبره خطرا على امريكا والعالم في حال انتخابه رئيسا، وقال بالحرف الواحد “ان رئاسة الولايات المتحدة امر جدي، وليست تسلية او حلقة من حلقات “تلفزيون الواقع″، اما بول رايان رئيس الاغلبية الجمهورية في مجلس النواب الامريكي (الكونغرس) فقال انه “غير جاهز″ لتأييده، اما المرشح السابق للرئاسة في الانتخابات الاخيرة روميني، فأكد انه لن يحضر مؤتمر الحزب الجمهوري المقبل في كليفلاند الذي يقرر اعتماد ترامب كمرشح نهائي للحزب من عدمه.

مواقف ترامب المعادية للمهاجرين من دول امريكا اللاتينية، واعلان عزمه اقامة سور على طول الحدود الامريكية المكسيكية تدفع ثمن تكاليفه حكومة المكسيك، معروفة وغير مفاجئة، لكن عدائه العنصري تجاه الاسلام والمسلمين غير مسبوق، فلم يكتف من منعهم من الدخول الى الولايات المتحدة، وانما تعهد بوضع كل مسلم امريكي تحت المراقبة، الامر الذي يهدد بعودة المكارثية، باسم جديد اسمه “الترامبية”.

لا نعتقد ان بعض العرب سيغضبون كثيرا من قرار ترامب بنقل السفارة الامريكية الى القدس المحتلة في حال فوزه، او تشجيعه استمرار الاستيطان اليهودي دون اي ضغوط في الضفة الغربية المحتلة، بسبب علاقاتهم التحالفية المتصاعدة مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، ولكنهم قطعا سيشعرون بالقلق لانه يريد فرض ضرائب على السعودية واليابان، لانه يعتقد انهما، وخاصة الاولى، يجب ان تدفع ثمن الحماية الامريكية لها.

فوز ترامب، وهو غير مستبعد على اي حال، ربما يكون صدمة مزدوجة لحلفاء امريكا العرب، خاصة الذين راهنوا دائما على علاقتهم الوثيقة مع الرؤساء الجمهوريين، مثل دونالد ريغان، وبوش الاب والابن، واستعدادهم لخوض حروبهم بإسمهم ومن اجلهم، مثل الحربين في العراق، واطاحة انظمة معروفة بعدائها لاسرائيل، مثل ليبيا والعراق وسورية، اذا استطاعوا الى ذلك سبيلا.

الحزب الجمهوري يعيش حالة انقسام تجاه ترامب وترشيحه، المعسكر الاول يطالب باعتماده في مؤتمر الحزب المقبل في كليفلاند، تجنبا لحدوث متاعب واضطرابات من قبل اتباعه في حال تم سحب الترشيح منه، اما المعسكر الثاني فيرى ضرورة سحب هذا الترشيح، والدفع بمرشح جمهوري مستقل، ورجل دولة، مثل بول رايان رئيس الحزب في الكونغرس.

السيد صادق خان الفائز بمقعد عمدة لندن الكبرى، قال انه لا يشرفه ان يستثنيه ترامب من حظره لدخول المسلمين الى امريكا، ولا نعرف اذا كان الزعماء العرب سيتخذون الموقف نفسه، ويقبلون بهذا الاستثناء في حال فوز ترامب في انتخابات الرئاسة.

نعتقد انهم، او معظمهم، اضعف من ان يتخذوا موقف خان، وسيهرولون الى واشنطن تحت غطاء الواقعية، والعقلانية، واحكام الاعراف السياسية والدبلوماسية.

مقالتي : عاصفة الحزم تمارس التطهير العرقي والطائفي ضد اليمنيين


اعمال “التطهير” العرقي والطائفي التي بدأت في عدن من يقف خلفها؟ وهل من بركات “عاصفة الحزم” ام جهات غربية؟ وهل “المرتزق” الكولومبي يحمل بطاقة شخصية يمنية تؤهله للقتل والاقامة والحركة كما شاء؟

atwan ok

عبد الباري عطوان

في اليمن حروب، وليس حربا واحدة، واعداد القتلى فاق السبعة آلاف، حسب احصاءات الامم المتحدة، وقصف “طائرات الحزم” ما زال مستمرا، وان بوتيره اقل، لكن ما هو اخطر من كل هذا، ما يحدث في مدينة عدن “العاصمة الثانية” من تطهير عرقي طائفي لم يسبق له مثيل في اليمن في كل عصوره.

المرصد اليمني لحقوق الانسان ادان اليوم، وفي بيان رسمي، نقلته وكالات انباء عالمية عدة، عن اجراءات تقوم بها السلطات اليمنية، وقوات امنها، تشمل عمليات ترحيل قسري لمواطنين يمنيين، معظمهم من محافظات شمالية من مدينة عدن الى تعز ومدن اخرى في الشمال.

شبكة “يوتيوب” مليئة بمناظر تقشعر لها الابدان الانسانية، حيث تقوم السلطات الامنية في المدينة “المحررة” بجمع المئات من اليمنيين وتضعهم في الحافلات، او صناديق الشاحنات، تماما مثل الحيوانات التي تساق الى المسالخ،  ولا ذنب لهؤلاء الا الانهم لسيوا من اهل المدينة، وينتمون الى مدن شمالية غالبا.

***

الذريعة التي استخدمتها السلطات التابعة للحكومة الشرعية، والمدعومة من “التحالف العربي” وعواصفه، ان هؤلاء لا يحملون هويات، او بطاقات تعريف شخصية، وهي حجة واهية، ومريبة، فأكثر من نصف سكان اليمن لا يحملون مثل هذه البطاقات، وتعودوا على التحرك في طول البلاد وعرضها بدونها.

فهل يملك “المرتزقة” من شركة “بلاك ووتر” الذين يقاتلون على ارض اليمن بطاقات شخصية يمنية، وهل حملوا تأشيرات دخول قانونية عندما انتهكوا السيادة اليمنية؟ والشيء نفسه يقال عن القوات الاخرى المنضوية تحت راية “التحالف العربي”، الذي يقاتل اليمنيين على ارض اليمن.

انها بداية مخطط للتقسيم العرقي والمناطقي الطائفي في اليمن، وبذر بذور حرب اهلية بين الشمال والجنوب، وبما يعزز المناطقية والعصبوية، ويعمق الشرخ الحالي في النسيج الاجتماعي اليمني، واطالة امد الحرب الحالية، الامر الذي يتعارض مع كل قيم التعايش والمباديء الانسانية، وتعاليم ديننا الاسلامي الحنيف.

مدينة صنعاء العاصمة، تعج بأبناء جميع محافظات اليمن، الشمالية والجنوبية، الشرقية والغربية، ويتعايش هؤلاء فيما بينهم بكل امان، دون اي تمييز، او اضطهاد، ومستعدون للقتال حتى الموت دفاعا عن مدينتهم، فلماذا لا تكون كل مدن اليمن، بما فيها عدن، على النمط نفسه، والتعايش نفسه، وهي من المفترض انها “محررة” من قبل قوات تحالف يقول انه عربي؟ ويتطلع لخير اليمن، وامنه واستقراره ورفاهية شعبه.

هل تريد “عاصفة الحزم” ان تعيد تكرار سيناريوهات التطهير العرقي والطائفي والقبلي التي تدعمها في سورية والعراق وليبيا ولبنان في اليمن؟

كل الدلائل تشير الى ذلك ابتداء من عدن، حيث تؤكد تقارير مختلفة ان من ابرز اولويات هذه “العاصفة” فصل الجنوب اليمني عن الشمال، وفقا للاعتبارات الطائفية، وهذا ما يفسر ارسال قوات امريكية خاصة لتكريس هذا المخطط، تحت غطاء محاربة تنظيم “القاعدة”، وتدمير امارته في حضرموت.

عارضنا الظلم الكبير الذي وقع على اهل الجنوب في السنوات الاخيرة للوحدة، مثلما عارضنا اعمال النهب لثرواته واراضيه، من كل عصابات الفساد التابعة للحكومة المركزية في صنعاء، مثلما عارضنا تهميش ابنائه، وسلب حقوقهم السياسية، ومن المنطلق نفسه، نعارض بقوة اعمال التطهير العرقي هذه قبل ان تستفحل وتتعمق، ويصعب علاجها مستقبلا، فحتى عندما كان اليمن مقسما الى دولتين، كانت ابوابهما مفتوحة امام الجميع، دون اي حواجز عنصرية او قبلية او طائفية.

***

لا نعرف ما اذا كان المتفاوضون في الكويت تحت راية الامم المتحدة، وضعوا قضية التطهير العرقي والطائفي هذه، التي بدأت في وضح النهار، على جدول اعمالهم، ولكن ما نعرفه ان هذا التطهير الغريب في تاريخ اليمن وارثه الحضاري، يأتي في اطار “الفتنة” الرائجة حاليا في المنطقة العربية، وتهدف الى تفتيت “الدولة القُطرية”، وتأليب ابناء الشعب الواحد ضد بعضهم البعض، والانخراط في حروب طائفية او مناطقية دموية لعقود قادمة.

نطلق صرخة التحذير هذه لاننا نحب اليمن، كل اليمن، شماله وجنوبه، شرقة وغربه، ونعتبرهم اهلنا واخوتنا في العقيدة، ولاننا ندرك ان هناك مؤامرة تستهدفه وابناءه، حتى يظل فقيرا معدما، بدون اي سيادة، او حكومة قوية، لان هذا الشعب الكريم الشهم الذي يحمل في عروقه جينات حضارية تمتد لآلاف السنين لن يسكت على ما لحق به وبلاده من قتل ودمار وتشريد، والله العلي القدير يمهل ولا يهمل.. والايام بيننا.